zaïla.Histoire 

اسامة الزكاري

ZAILA.COM
Asilah.fr

MENU

CULTURE LOCALE

عبد السلام اضريضر.. أحد أبرز وجوه حقل التربية والتعليم بمدينة أصيلا خلال عقود النصف الثاني من القرن الماضي، وأحد أبرز الفاعلين في المجال الحزبي داخل حزب الاستقلال. وإذا كانت ظروف تمدرسي لم تسمح لي بالمرور عبر الفصل الدراسي للمرحوم الحاج عبد السلام اضريضر، فإن ما استطعت جمعه من معطيات ومن تفاصيل حول سيرته الإنسانية والمهنية والنضالية، يظل من الغزارة ومن التنوع بشكل يجعلنا نعتبره واحدا من بين أبرز الفاعلين الذين تركوا بصمات داخل مجال الحياة العامة لفضاءات مدينة أصيلا الحالية.
       يعود اللقاء المباشر الذي جمعني بالمرحوم اضريضر إلى جلوسنا فوق نفس منصة الحفل التأبيني الذي نظمته جمعية ابن خلدون للبحث التاريخي والاجتماعي بأصيلا بمناسبة أربعينية وفاة المرحوم محمد الحساني، إلى جانب كل من الأساتذة مصطفى المهماه، ومرزوق أمزغار، ومحمد بن عيسى، والمهدي أخريف، والهاشمي الطود. لا أعرف لماذا ترسخت في ذهني -يومها- مرجعية التطابق بين الانتماء لحزب الاستقلال وبين صورة عبد السلام اضريضر. ولعل ذلك، يعود إلى روح الإخلاص التي ميزت علاقة الرجل بحزبه، بشكل يعكس الكثير من معاني الوفاء في هذه العلاقة، ومن دروس الصرامة في الدفاع عن الحق وعن مبادئ الحزب مهما كلفه ذلك من ثمن. لم تغره المناصب ولا الامتيازات. ولم يتهافت على المقاعد البرلمانية، ولم ينخدع بموجات الإثارة والشهرة التي ارتبطت بعطاء الكثير من نخب العمل الحزبي الحالي. وفي المقابل، ظل الحاج اضريضر مناضلا صلبا، لا يتمايل مع الأهواء، ولا يستحضر ذاتيته في التعاطي مع الشأن الحزبي المحلي والوطني. أتذكر موقفه الشجاع إبان حملة الانتخابات التشريعية لسنة 1992، عندما قدم حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية مرشحا مشتركا، هو الأستاذ مرزوق أمزغار. يومها، فضلت الغالبية الساحقة من نخب حزب الاستقلال بمدينة أصيلا رفض قرار قيادة حزبها القاضي بدعم ترشيح الأستاذ أمزغار، لاعتبارات مرتبطة بأحقاد صغيرة وتافهة. في هذا السياق، كان صوت الحاج عبد السلام اضريضر صادحا بالحق، عندما اعتبر أن ولاءه لا يكون إلا لحزبه، وأنه سينضبط لقرار قيادة حزبه. فجعل كل إمكانياته رهن إشارة "مرشح الوحدة"، متنقلا بين مدينة أصيلا وجماعة اثنين سيدي اليمني وجماعة حد الغربية، مساندا المرشح المذكور. كان موقفه استثنائيا، الأمر الذي عكس نبل المقصد، حيث لا ولاء إلا للحزب، ولا شرعية إلا لقرارات قيادته، ولا مصلحة فوق مبادئ الحزب ومرجعياته.
    ولد الأستاذ عبد السلام اضريضر سنة 1940، وحفظ القرآن الكريم قبل  ولوجه المدرسة. تابع دراسته الابتدائية بمدينة العرائش، ثم الثانوية بمدينة تطوان. التحق بسلك التعليم منذ سنة 1960، ببني أحمد بإقليم شفشاون، ثم بمنطقة الكرافطة بإقليم العرائش، قبل أن يلتحق سنة 1967 للتدريس بمدينة أصيلا في مؤسسات تعليمية متعددة، شملت كل من مدرسة الدغاليين، ومدرسة محمد الإدريسي، ومدرسة الأمام مالك. وفي سنة 1980، عين في منصب متفقد للتعليم الأولي بنيابة طنجة أصيلا، وهو المنصب الذي ظل يشغله إلى سنة 2001، تاريخ إحالته على  التقاعد.  وإلى جانب هذه المسؤوليات المهنية، كان المرحوم اضريضر يقدم دروس الوعظ والإرشاد وخطبة الجمعة في عدد من مساجد مدينة أصيلا. وفي المجال السياسي، انخرط الحاج عبد السلام اضريضر في سن مبكرة في حزب الإصلاح الوطني عندما كان طالبا بمدينة تطوان. ومنذ ستة 1975، أصبح كاتبا لفرع حزب الاستقلال بمدينة أصيلا، ثم مفتشا للحزب بالمدينة ونواحيها، وعضوا في المجلس الوطني للحزب، وكاتبا محليا لنقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، وعضوا باللجنة المركزية للعصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إلى جانب إشرافه -محليا- على إنشاء عدة إطارات جماهيرية مثل فروع الشبيبة الاستقلالية، والشبيبة المدرسية، والكشفية الحسنية،... إلى جانب إشرافه على الأنشطة الجماهيرية لفرع حزب الاستقلال بمدينة أصيلا، مثل دروس الدعم التلاميذي التي كان يحتضنها مقر الفرع المذكور. وظل على هذا الحال، مخلصا في عطائه، إلى آخر أيام حياته عندما وافاه الأجل المحتوم يوم 18 ماي من سنة 2022.
     وفي جميع مجالات عطاء المرحوم اضريضر، ظلت سيرته تسبقه، من موقعه كمناضل فطري لا يطيق بؤس تلاوين السياسة، مادامت مرجعيته مرتبطة بطهرانية الفعل الحزبي كما تشربه من رموزه الكبرى داخل أنوية عمل الحركة الوطنية لمغرب ما بعد رحيل الاستعمار. استطاع الحاج اضريضر نقل هذه الروح إلى كل مجالات حياته، فأصبح مساره المهني التعليمي جهادا لبناء الذات، أخلص له إلى حد الوفاء، وعشقه إلى حد الولع، وأعطى فيه إلى حد السخاء.
      رحم الله الأستاذ عبد السلام اضريضر، فأمثاله لا يموتون مادامت سيرهم حية في الذاكرة الجماعية. إنه حضور رمزي يعيد إحياء صاحبه كنموذج يستحق أن يكون علما من بين أعلام زمن مدينة أصيلا الراهن.

عبد السلام اضريضر.. أحد أبرز وجوه حقل التربية والتعليم بمدينة أصيلا خلال عقود النصف الثاني من القرن الماضي، وأحد أبرز الفاعلين في المجال الحزبي داخل حزب الاستقلال 

عبد السلام اضريضر.. أحد أبرز وجوه حقل التربية والتعليم بمدينة أصيلا خلال عقود النصف الثاني من القرن الماضي، وأحد أبرز الفاعلين في المجال الحزبي داخل حزب الاستقلال 

عبد السلام اضريضر.. أحد أبرز وجوه حقل التربية والتعليم بمدينة أصيلا خلال عقود النصف الثاني من القرن الماضي، وأحد أبرز الفاعلين في المجال الحزبي داخل حزب الاستقلال