ارتبط مقام الولي الصالح سيدي أحمد بن منصور بموقعه المثير أسفل البرج البرتغالي المعروف باسم برج كوراسا، أو برج القريقية كما هو متداول لدى الساكنة المحلية. لا نعرف أي شيء عن تاريخ ميلاد أحمد بن منصور، لكننا نعرف أنه قدم من مدينة طنجة واستقر بأحواز مدينة أصيلا للجهاد ضد البرتغاليين الذين كانوا قد احتلوا المدينتين معا سنة 1471م. تداولت كتب المناقب سيرته الجهادية، مع إبراز كراماته التي لم تتوقف طيلة فترة مقامه بأصيلا.

    يحكى أنه طلب من أصفيائه دفنه بجوار السور البرتغالي، حتى يشكل جسده حاجزا أمام تقدم القوات البرتغالية من جهة البحر. تتعدد كراماته المذكورة في كتب طبقات الصوفية، وتركز في مجملها على قواه الأسطورية في التنكيل بجيش الاحتلال البرتغالي. من أشهر هذه الكرامات، ما وقع عندما سقط شهيدا في إحدى مواجهاته ضد الغزاة، ذلك أن البرتغاليين لم يجدوا لجثته أثرا بعد أن انسلخت من ثيابها و"اختفت" في الظلام.

    ظل سيدي أحمد منصور يحظى بتوقير كبير بين صفوف الساكنة، منذ تلك المرحلة وإلى يومنا هذا. وأعيد بناء ضريحه وإدخال الزليج على زخارفه وعلى قبوره منذ ثلاثينيات القرن الماضي. وقد تكلف معلم البناء، المرحوم عبد السلام البسيري، بإنجاز هذه المهمة. تحتفظ أسرة المرحوم عبد القادر الحاج قدور البوعناني بما تقول إنه ملابس سيدي أحمد منصور، الأمر الذي يجب الاهتمام به وحفظه من عوادي الزمن، بالنظر لقيمته التاريخية الكبرى. فهذا التراث الصوفي يظل ملكا للمدينة ولذاكرتها الجماعية، ومن الواجب التفكير في طرق تثمينه والاهتمام به علميا ومعرفيا.