محسن حراقي: استكشاف فلسفي للفن المعاصر ( نقد فني )
الشويخ عبدالسلام, فرنسا


المسار الأكاديمي والتأثيرات الثقافية
وُلد محسن حراقي في 1981 بمدينة أصيلة، المغرب. تلقى تعليمه الفني في المعهد الوطني للفنون الجميلة بتطوان، ثم تابع دراسته في المدرسة الوطنية العليا للفنون في ديجون، فرنسا.
هذا المسار التعليمي المزدوج، المغربي والفرنسي، أغنى رؤيته الفنية، مما أتاح له دمج تأثيرات ثقافية متنوعة في أعماله.
النهج الفني والأبعاد الفلسفية
تتميز أعمال حراقي بتعدد التخصصات، حيث تشمل الرسم، الفيديو، التركيب، التصوير الفوتوغرافي والأداء. يستكشف من خلالها آليات البناء الثقافي، الذاكرة الجماعية والخيال الاجتماعي. تتناول أعماله موضوعات مثل الأنساب، نقل السلطة وتشكيل الوعي الجماعي.
على سبيل المثال، في عمله "أنوار النجوم (ألف.باء.جيم.دال)" عام 2015، يعيد النظر في السياق التقليدي للكتاب لاستكشاف آليات البناء الثقافي وتشكيل الذاكرة الجماعية.
استكشاف الفضاء والتركيبات ثلاثية الأبعاد
يتعامل حراقي مع الفضاء في مكوناته ثلاثية الأبعاد، حيث يبتكر تركيبات تحفز التفكير بما يتجاوز الكائن المادي. تُشكّل أعماله مساحات تحث على الفضول التأملي، باحثة عن توازن وتماسك خاصين بلغته الفنية. على سبيل المثال، في تركيبته "عندما تصبح الجغرافيا مجردة-2" (2022)، يقترح حوارًا خياليًا بين جيرارد ديزارغ وأبو عبد الله الإدريسي، مستكشفًا إدراك الفضاء والجغرافيا.
موضوعات الكتابة والذاكرة
تحتل موضوعات الكتابة والذاكرة مكانة مركزية في أعمال حراقي. يستكشف القيم الثقافية المرتبطة بالكتابة وآثارها في الوعي العاطفي. تدعو أعماله إلى تعايش تأملي مع أشكال أخرى من الفن والفكر، متسائلة عن نقل المعرفة وتشكيل الذاكرة الجماعية. على سبيل المثال، تشير سلسلة أعماله "ظل الجذور" (2020) إلى مفهوم الذاكرة وأصولنا، حيث تكون خفية لكنها عميقة.
المعارض والاعتراف الدولي
عُرضت أعمال حراقي في العديد من المعارض الدولية. شارك في "المقاومة العالمية" في مركز بومبيدو عام 2020 وفي "ثلاثية مغربية، 1950-2020" في متحف رينا صوفيا عام 2021.
تشهد هذه المعارض على الاعتراف بأعماله في الساحة الفنية المعاصرة.
نقل القيم الإنسانية والجذور الثقافية
يواصل حراقي السفر ونقل القيم الإنسانية المستمدة من ثقافته المغربية ومدينة أصيلة مسقط رأسه. تعكس أعماله سعيًا نحو العالمية، مع بقاءها متجذرة بعمق في إرثه الثقافي. هذه الثنائية تثري لغته الفنية، مقدمة تأملًا في الهوية والذاكرة ونقل الثقافة.
باختصار، يُعتبر محسن حراقي فنانًا يستكشف أسس إدراكنا الثقافي والتاريخي، داعيًا إلى تأمل عميق في الذاكرة والهوية ونقل المعرفة.