لوْ أَعود



لوْ أعودُ إلى حبَّاتِ حياتي المُنْفَرِطة كمَا
أعُود إلى صَفَحاتِ الكِتاَب
أُحدِّقُ طَويلاً في السَّطر الّذي
يَرفُض أن يُقرأَ
أُفَتِّتُ لِحاءَهُ لِأجدَ
النُّسْغَ الذي سَحَرَني.


لوْ أعُود
لمررتُ بِمُحاذاة النَّوافِذِ المُشْرعةِ
على الْبحْر لِيلْعَقَ
الرَّذاذُ النَّزِقُ وجنْتيَّ المُلتْهبتيْن بَدلَ
المُروِر بيْن صفِّ الدُّور الآمنِ،


لوْ أعُودُ
لما خرجتُ منْ عِناقِ الموْجةِ اللَّذيذِ ذلكَ
الزَّوالَ المَلغْوم ساعةَ
مرَ ظلٌه على الرَّملِ
واخْتطفنِي عِشرين عاماً
لم أقلْ خلالَها شيئاً.


لوْ أَعُودُ
لمَا نَسيتُ أنْ أرْسُم قلْبِي لِعرَّافةٍ
سَخِرتْ منْ سَذَاجتِي.


لوْ أَعُود
لما بَحَثتُ عنْ كلِّ الأجْوبة ولَمَا
حزَمت ُضَجَري
وقنِّيناتِ حِبْرٍ خاَمٍّ في حقائبَ
ورَحلتُ دون أن أستديرَ
نحو منْديلِ أمِّي المُلوِّحْ،


لوْ أعودُ
لَما اقترفتُ أجملَ
منْ تِلْكَ الحماقاتِ !

فاطمة الشريكَي شاعرة وكاتبة . نشرت نصوصها الشعرية والسردية بجرائد وملاحق ثقافية وطنية منذ الثمانينات من القرن الماضي, صدر لها ديوان: " وصايا المدن الزرقاء" عن دار أكَورا في مارس 2021.