الشويخ سعيد
zaïla.Histoire
ZAILA.COM
Asilah.fr
CULTURE LOCALE
MENU
تعليق على الفصل 57 من أحداث 1518 أو ما سر الطلقة الطائشة التي تسببت في مقتل المقدم علي الرواش؟
بعدما دكرنا الفيسبوك بمنشور سابق من صور من أصيلا البرتغالية، الذي نشرناه في 25 ماي 2022، يخص الموقع التاريخي ماسطوش. نعود مرة أخرى إلى الفضاء الطبيعي/ التاريخي، المحيط بمدينة أصيلة ، لنبش غفو التاريخ ليحكي لنا أمجادا سطرها أبطال أشاوس مروا من هنا و هم بصدد الدود و الدفاع عن تربة الوطن ضد الإستعمار البرتغالي في ثغر أصيلا..
قلنا عن ماسطوش تلك الربوة المطلة على المحيط الأطلسي بأنه هو المكان الذي شهد مقتل أشهر المقاتلين المغاربة و هو المقدم علي الرواش فارس جبل حبيب، و ذكرنا طريقة مقتله كما تناولها صاحب حوليات أصيلا الإخباري برناىدو رودركيز، حيث كانت نهايته بطلقة رصاصة طائشة بعدما أبلى البلاء الحسن في ميدان أصيلا.
وليست مهمتنا نقد صاحب حوليات أصيلا في هذا الأمر ، يكفينا أن نتسائل كأي قارئ حصيف حين يتبادر إلى دهنه سؤال بديهي، كيف للجيش البرتغالي و هو يواجه أكبر إغارة نظمها ملك فاس بنفسه و قادها المولى إبراهيم الذي كان ظله علي الرواش على رأس 3000 فارس من أجود فرسان مملكة فاس بتعبير برناردو. أقول و الحالة هاته كيف لذلك العدد الهائل من الجنود و الفرسان المرافقين للمولى الشيخ الوطاسي و ما رافق ذلك من مناوشات و كر و فر كانت ساحته بين مصب واد الحلو و مشارف المدينة إلى ساحة الأميرال (و سط المدينة أو ساحة محمد الخامس حاليا). أقول كيف للجيش البرتغالي أن يواجه الجيش المغربي ببندقية واحدة، وزعها برناردو بين جنديين فأعطاها تارة إلى جندي من الخيالة و سماه الإسكافي بيدرو ألفاريش و تارة أخرى إلى جندي من المشاة الزنجي الكسندر.. ليخلص في موضع آخر أن الجندي الذي خرجت من بندقيته تلك الطلقة الطائشة هو الإسكافي بيدرو ألفاريش، الذي قتل في المكان الذي التقطت منه صور اليوم من صور من أصيلا البرتغالية، بحسب استنتاجنا على ما سنوضحه في الآتي من السطور.
وقبل ذلك دعنا نقتفي الخريطة الدهنية لبرناردوا رودركز، و نكشف سىر تلك "الطلقة الطائشة" التي أصابت صدر علي الرواش.؟ و هنا نطرح تسائلا هل بالفعل قتل علي الرواش بطلقة طائشة كما قال صاحب الحوليات؟ أم كان له مصير آخر لا نعرفه؟ لماذا أعطى برناردوا لعلي الرواش هذه الطريقة" المحايدة " في طريقة مقتله..
أحسب أن برناردو ردركيز بهكذا وصف لمقتل علي الرواش، بعدما أفاض في مخطوطه بذكر أمجاده و بطولاته و علاقته الوطيدة مع نبلاء من أعلى هرم السلطة الإستعمارية في ثغر أصيلا، لا سيما مع صديقه في السلم/عدوه في ساحة القتال دون مانويل مسكرنياش، و مع الكنود دون دي بوربا و زوجته الكنوديسا مسكرنياش، فهو كان عند هؤلاء كالولي الحميم لا واحد من المقاتلين الشرسين و الذين أغدقوا عليه بالعطايا في غير ما مرة سواء بمنحه أجود الخيول أو بفاخر اللباس أو بأشهى الحلويات لاسيما من طرف الكنوديسا.
ما هو السر في ذلك ياترى؟ هل كان علي الرواش بصاصا أو عميلا للبرتغاليين بلغة حاضرنا؟ أكيد لا، فمن يقتفي أثر بوطولاته في كتاب الحوليات، ينفي هذا الأمر جملة و تفصيلا.
و دعني أستبق القول هنا و أجيب أن السر في هذه الحضوة و المكانة التي كان يحضى بها علي الرواش في المجتمع البرتغالي هنا في ثغر أصيلا ، وذلك أنطلاقا لما أخفاه صاحب الحوليات في طي السطور و هو بصدد الحديث عن هذا الفارس المغوار. نعم إن السبب الحقيقي الذي دفع برناردو إلى اختلاق قصة الطلقة الطائشة، ما كان ذلك إلا من أجل فكه من ذلك المصير المأساوي الذي كان يلقاه المقاتلون المغاربة في ساحة الوغى، و هو أن تقطع رؤسهم وتعلق على الرماح و يدخل بها إلى أصيلا، لتعطى إلى الأطفال ليلعبوا بها في أزقة دروبها و تعلق على باب البحر.هو طريقة تعامله الحسنة مع الأسرى الذين يقعون في قبضته. إن طريقة تعامل علي الرواش مع الأسرى البرتغاليين، التي كانت تتسم بالرأفة و الشفقة و المعاملة الحسنة و الإنسانية، حيث كان يتمنى الجنود البرتغاليون إذا ما وقعوا في الأسر في الحملات التي كان يقودها المقدم علي الرواش بقيادة المولى إبراهيم، و هي على أي معاملة تميز بها جل مقاتلي جبل حبيب بقيادة علي المولى إبراهيم أو مقاتلي تطوان بقيادة القائد المنظري و كذا مقاتلي شفشاون بقيادة علي بن راشد.. و أشد ما كان يخيف الجنود البرتغاليين هو الوقوع تحت أسر مقاتلي القصر الكبير بقيادة علي بوغالب أو مقاتلي ملك فاس نفسه و الذي كان مصير من يقع تحت أسره بالقساوة و عدم الرحمة و في أحسن الأحوال ينتهي بهم المطاف عبيدا أو بالأحرى علوجا في قصور ملك فاس، إذا لم يتدخل أشهر الفكاكين قرواش، و لا ننسى أن برناردو رودركيز نفسه قام بهذه مهمة فك الأسرى من خلال رحلته الشهيرة إلى عاصمة مملكة فاس، و التي كانت مناسبة لدكر أحداث تارخية زاخرة عززت المعلومة التاريخية لمرحلة انتقالية من دولة الشرفاء (السعديين) و الدولة الوطاسية المنهارة. و كما يقال الشيئ بالشيئ يذكر، إن الوصف الدقيق لصاحب الحوليات للأحداث السياسية و العسكرية بل و ما كان يجري ذاخل قصور ملك فاس نفسه من دسائس و غيرها من خفايا الأمور، تعطينا صورة أخرى لشخصية برناردو و تزيل عنه تلك الصفة المتواضعة التي أعطاها لنفسه بأنه الخبير في مسالك ميدان أصيلا الحامل للواء مملكة البرتغال عند كل إغارة يقوم بها الجيش البرتغالي و هو بصدد توسعه نحو تخوم قبائل جبالة .
عودة إلى الصور..هذا المكان المتواجد أسفل تل فرناو ذا سيلفا جهة الشرق هو المكان الذي قتل فيه قاتل علي الرواش بطلقة رصاصة بندقيته الطائشة، الإسكافي بيدرو ألفاريش و من هذه هذا المكان المحادي لواد لحلوا عبر المقاتلون المغاربة سباحة لأخد درعه و زرده كما هو مذكور في كتاب مرجعنا.
و الشاهد عندنا أن هذا المكان يتوسط مصب واد الحلو يمينا و معبر القناطر يسارا و القريب من موقع ماسطوش . المكانان اللذان لم يشر لهما هذا الإخباري..
بعد أفول نجم علي الرواش خلفه مقاتل آخر لا يقل بطولة و شهامة و بلاء حسنا في ميدان أصيلا، إنه المقدم عبد المالك، فارس جبل حبيب، فإذا كانت حظوة علي الرواش و مكانته و طريقة تعامله مع الأسرى كما سبق ذكره شفيعة له في "ذهنية برناردوا" ، و جعله يبتدع قصة "الطلقة الطائشة" حسب ما مر معنا بقصد فكه من المصير المعروف، هذا المصير الذي ألصقه لخليفته عبد المالك الذي سوف نقف في مكان مواجهته مع كاسميروا في وهد الأسود أسفل مرقب العش كما جاء في كتاب حوليات أصيلا..
سعيد الشويخ
أصيلة 25 ماي 2023
سعيد الشويخ
صور من أصيلا البرتغالية