يمكن تقسيم تاريخ أصيلة إلى عدة مراحل .. فكل فترة تميزت عن سابقتها و لاحقتها تماما،  لدرجة و في بعض الأطوار نجد البنية الديموغرافة تغيرت إن على  مستوى  العرق و الدين و العدد و الهجر أيضا...  بل حتى على صعيد  تمَدُّد أو انْكماش محيط المدينة ككل، زدْ على ذلك ما  صاحبهُ من  عُمْران و هندسة و تبدُّلٍ  للأحْوال و ظَواهر الاستقرار البشري بالمنطقة.
   ملحوظة:
حينما نتحدث عن تاريخ أصيلة فإننا نقصد أصيلة و ما قاربها من أمكنة و مواقع أثرية على بُعْد مرحلة فيما بينها { المرحلة هي مسافة يوم واحد مشْيًا عند العرب} ، ليشمل تاريخ مدينتنا محيطا جغرافيا يمتد من جماعة سيدي اليماني جنوبا حتى جماعة أحد الغربية  شرقا، مُرورا بأصيلة و أقواس بريش و مواقع أثرية عند مصب واد تاهدارت. فهي منطقة يحُفُّها شريط ساحلي امتد مِن مصب واد تاهدارت  إلى مغارة كهف الحمام / سيدي امغايت و دواوير ارهونة و اخميس الساحل في اتجاه لكْسوسْ الأثرية. الأمر الذي جعل هذه الضاحية مُنْفتح على  المحيط  و مرتبطة  بشكل حيوي مع بحر الروم / البحر الأبيض المتوسط. فالتبادل التجاري و التنقل البشري  و الإيواء و الاستقرار و الاسترزاق و الترقب و الأمن و  الحرب ...  شؤون ميزت ناحية أصيلة و  ظلت قائمة  عبر العصور و إلى يومنا هذا. يشهد على ذلك مجموع  المواقع الأثرية و الأسواق المنتشرة و شبكة الطرق و المسالك و الممرات التي تُخيط الناحية، بل أن المنطق لم يتم استغلالها أركيولوجيا  بعد، و أن أرضَها لا زالت حبْلى بمواقع اثرية و كنوزا خبئها  الرومان و النورماند هنا و هناك  في  عُجالة من أمرهم  حين باغتتهم جيوش العرب  منتصف القرن 8 م. أضف إلى ذلك  مطامر للحنطة تعود إلى 2000 سنة خلت. 
و لا نقصد من كون أصيلة كانت محور هذا التاريخ و أنها شكلت مركز هذه  المنظومة،  بل كون مدينتنا  قُدر لها أن تصمد عبر الزمن و أنها تدخل ضمن شبكة من المدن القديمة بشمال المغرب، فقبلها كانت زليس / زليل . زلول بأحد الغربية و قبلهيْما مثل مصب نهر اغريفة قُطبا صناعيا و تجاريا فينيقي أولا،  و قبل قبل  ذلك كان موقع  امْزُورة بجماعة سيدي اليمني...  بل حتى أن الاستقرار البشري بالمنطقة يعود إلى العصر الحجري بمستوياته كما هو مرتقب من أبحاث أركيولوجة قادمة حول مغارة كهف  الحمام جنوب أصيلة. و حتى لا نطيل إليكم المراحل التي ميزت تاريخ أصيلة:
1 المراحل الغابرة  { قبل 14000 سنة } و المرتبطة بالاستقرار البشري الأول بالمنطقة و بالرغم من غياب أبحاث أثرية لحد الساعة فإن أصيلة و ناحيتها تدخل ضمن الخريطة الأركيولوجة لشمال المغرب و الأبحاث الأثرية  لدائرة المضيق و ليس من المستبعد أن تكون مغارة كهف الحمام أحد مقرات الاستقرار البشري الأول بالمنطقة .
2  الفترة الفينيقية و البونيقية و الموريطنية و الرومانية و البيزنطية  القوطية و الوندال {  12000 ق م إلى 650 م}
3 دخول العرب و الإسلام للمنطقة  و ما تلى ذلك في إطار الدولة المغربية   و كل من تعاقب عليها من عوائل  حاكمة {682 م إلى 1471 م} بل و تغير للبنية العرقية و الديموغرافية معا.
4 الاستيطان ا البرتغالي و الإسباني { 1471م إلى 1589م} صارت أصيلة مستوطنة برتغالية مسيحية قلْبا و قالبا،  و من يؤرِّخ  أو يكْتب أو يُرمِّم اعتمادا على مصادر و مراجع  و تمويل برتغالي فقط  و دون تمحيص فإنه في الواقع يُجاريهم و يكتب  عن إحدى حلقات أمجاد البرتغال  بشمال افريقيا. فتاريخ أصيلة هذه المرة يجب كتابته من خارج تلك الأسوار.. تاريخ مقاومة و جهاد و معانات.
5 عودة أصيلة و تحريرها من قبضة البرتغال و الإسبان إلى حدود الاستعمار الإسباني  { 1589م الى 1912م} و هنا ينبغي الإشادة بدور قبائل جْبالة في هذا التحرر.  و ما كان للمركز / السلطان إسماعيل ناقة و لا جمل في ذلك. 
6  مرحلة الاستعمار الإسباني { 1912م ـ 1956م} خرجت أصيلة من حصار الأسوار و صارت ذات ثلاث مجالات حضرية : المدينة القديمة المعهودة  و  الحي الإسباني { الباردا و و كصا براطا و كياسكرينية}  ثم هناك  الأحياء المغربية  التي انتظمت على طول  الطريق القديم المؤدي إلى فاس / شارع الحسن الثاني  و حول ضريح سيدي بوقنادل و اشريور و عين احْمر و دُوار مورج بوطيب .
7 مرحلة ما بعد الاستعمار، و هنا يمكن الحديث  عن  مرحلتين :الأولى  1956 ـ 1982  و هي مرحلة رؤساء المجلس البلدي لكل من المهماه و الرياني و الحساني رحمهم الله.  الثانية  من  1982 إلى اليوم .. مرحلة رئيس المجلس البلدي محمد بنعيسى / المرحلة البنعيسية إن صح التعبير.  و عن كل مرحلة بناء و هدم ,, تنمية و انتكاسة .. عشوائيات و تنظيم  محكم للمجال الزيلاشي.
هذا التقسيم و إن بدا منهجي و مستساغ  فإنه ناقص بل مريض و متمحور حول ذاته، لأنه  يُغيِّب  إلى حد كبير العنصري  الأمازيغي و المغربي  و الموريطاني و دوره في تشكيل مجتمعات استقرت بالمنطقة  و من تم مجهوداته في بناء و مساهمته الثقافية و الحضرية .. و ما العنصر الفينيقي و لا الروماني و لا الوندالي و لا العربي إلا  كائن دخيل  على المنطقة.  أين هي قبائل هوارة و ازناتة و مصمودة  من الإعراب في انشاء  هذا التاريخ، و غالب الضن و المعطيات مؤشرة على ذلك أن اسم أصيلة الأول هو أَزِيْلاَ،  و ما أصيلة أو أصيلا إلا كلمة مُحوَّرة عن كلمة أزِيْلا قام بها العرب.       



عبدالقادر نخلي