نخلي عبدالقادر 

عبدالقادر نخلي

MENU

ZAILA.COM
Asilah.fr

CULTURE LOCALE

أصيلا :المسجد الاعظم

يوجد بمدينة أصيلة أزيد من 15 مسجدا  موزع عبر الأحياء، بالإضافة إلى مساجد الدواوير المجاورة، فباستثناء مساجد المدينة القديمة   التي بُنيت قبل  1912 و عددها خمسة ، فالباقي  شُيِّد  ْبعد الاستقلال  و  خارج الأسوار تماشيا مع النمو  الحضري للمدينة.
المسجد الأعظم
سُمي بهذا الاسم و كذلك الأكبر مقارنة في الحجم مع باقي مساجد المدينة القديمة: { مسجد للاسعيدة، مسجد  الزكوري،  مسجد بن عياد ، مسجد سيدي امبارك }، و  لكونه أيضا ـ أي المسجد الأعظم  هذا  صار يتجاوز مسجد الحي في  مهامه: كانت تُجمع فيه صلاة الجمعة،  و يأُمُّ إليه أعيان المدينة و جموعها للصلاة و اخبارهم بأحداث تهم مصالحهم و غيرها من الأمور العامة. بات بجانبه { اسويقة}  معهدا دينيا لعب دورا كبيرا في الإشعاع الديني و في التعليم اللغوي  و نشر الوعي و تحفيظ  القرآن خلال فترة معينة.    تولى  الإمامة بالمسجد  قُضاة  و عدول و علماء و فقهاء محليين و  من خارج المدينة  يُشْهد لهم بالورع و التقوى أيضا،  أمثال   الطيب بن محمد اللواح و الفقيه محمد البقالي  و القاضي مبارك الخمالي  و القاضي محمد المرير و  الشيخ العلامة عبدالسلام البقالي و الفقيه   سيدي أحمد بن محمد الخضر غيلان و محتسب المدينة البقالي عبد السلام  ... تبقى أهمية هذا المسجد حاليا كمعلمة تاريخية و تُحفة  معمارية  من العناصر المهيكلة لمجال المدينة القديمة،  بصومعته المثمنة الأضلع و بهندسته  الداخلية  التي توحي بهامة تلك  المساجد العتيقة بالمدن المغربية الكبرى.
يحدثنا المؤرخون أمثال ياقوت الحموي و عبيدالله البكري { القرن 10م ـ 11 م} على أن أصيلة كان بها مسجدا مجاور للبحر، عمَّرها الأدارسة و جملَّوها  و بنيت بها مساجد أخرى بعد ذلك. حولها البرتغال إلى مُديْنة مسيحية خلال القرنين 16 و 17 مما أحدث قطيعة مع ماضيها الإسلامي. دخلها  المجاهد الخضر غيلان و أتباعه  بعد صراع مرير مع البرتغال ثم غادرها في اتجاه الجزائر سنة 1665، بعد ذلك  دخل المدينة العسكر {المخزن} الإسماعيلي بقيادة  أحمد بن حدو البطيوي أواخر القرن 17، و عملوا على تثبيت  الأمن  و تعمير أصيلة و النواحي كما بنوا مسجدين و حمام و مدرسة.
أمام غياب معطيات أركيولوجية بعين المكان و نُدْرة  المصادر الموثوقة يصعب تحديد تاريخ بناء المسجد الأعظم بأصيلة، و غالب الضن  فقد كان بناءه في عهد  السلطان  المولى سليمان   { 1792 ـ 1822 }  كما جاء في كتاب الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية، و إنْ كان صاحبه لا يشير إلى ذلك صراحة، لكننا نعلم  أيضا  أن مسجد أصيلة هذا  يدخل ضمن الأربع مساجد بشمال المغرب و التي تتضمن نفس المعمار و الهندسة و خاصة الأسقف القرميدية المائلة  و الصومعة المثمنة الأضلع { مسجد وزان و مسجد العرائش و مسجد  القصبة بطنجة و مسجد شفشاون}   مما يوحي بأنها شُيدتْ في فترة مشتركة  و بإيعاز من نفس المؤسسة المخزنية و نفس البنائين على ما يبدو أو أنه ثم تكبيرها و ترميمها من جديد في عهد السلاطين العلويين .بدوره  عرف مسجد أصيلة هذا توسعة باستمرار تغيرت  هندسته عند كلِّ مرة.
    يأخذ المسجد ـ الأعظم  بأصيلة موقعا مُمتازا على جزء من التكنة العسكرية البرتغالية، أي في سعة من الأرض  و خارج الأزقة الضيقة، بين بوابتي باب القصبة و باب السويقة، و هما البوابتان اللَّتان تم فتْحُهما في عهد الاستعمار الإسباني لربط المدينة الجديدة بالمدينة القديمة عبرهما. من خلال معاينتنا يبدوا أن المسجد عرف توسعتين بعد أنشائه  أواخر القرن 18 م :
ــ بناءه الأول كان على بقعة أرضية 300م مربع.. و هو البناء الذي يظم البلاطات الثلاثة  الأولى من جهة القِبْلة  و ذات الأسقف المائلة بالقِرْمد و المرتكزة على سواري مربعة الشكل و أقواسا من نوع حذوة الفرس،  بالإضافة إلى الصومعة القديمة المستقلة  و ذات الشكل المربع، أقُيمت فوق السور البرتغالي  و على شاكلته،  مع محراب  تم تجويفه في  جدار القبلة.  واجهته قد أغلقت حاليا، فإلى عهد قريب كانت ما تزال  الشمَّاسيات التي تعلوه تدل على مكانه  ـ  إلى جهة اليسار قليلا.
ــ تمت توسعة المسجد بإضافة بلاطين و الصومعة المثمنة الأضلع من جهة الغرب، السقف هذه المرة مستوي قائم عل دعامات مربعة و اقواس تشبه سابقتها. الصومعة الجديدة في وسط الصف الخلفي للمسجد،  وهي صومعة ذات قاعدة مربعة  إلى مستوى السقف ومأذنة  مثمن الأضلاع،  و ساق أو ما يعرف بالعَزْري في الأعلى مثمنٌ هو أيضا تعلوه آلية لنصب أعلام  الصلوات. الصومعة هاته  تُزينها أقواس خادعة و شرافات صغيرة و  مسننة في الأعلى  شبيهة بالشرافات التي تزين الباب البرتغالي المفضي إلى برج باب الحمر.
ــ توْسعة  ثانية  تمت نهاية السبعينات  بضم  الفناء  الكائن إلى اليمين و الذي كان مكانا للوضوء و باحة تابعة للمسجد، بتسقيفها  صارت جزءا  من المسجد.
ــ عرف المسجد مؤخرا هدم  و بناء و ترميم لجزء كبير منه تحت نفقة جماعة أصيلة و وزارت الأوقاف بتكلفة بلغت  2.002.500 درهم . مع الحفاظ على خصائصه المعمارية و الزُّخرفية سواء من الداخل أو من الخارج، غدتْ  مساحته  الإجمالية  1320 متر مربع، و  يتكون  حاليا من 12  بلاطا  بما في ذلك قاعة  للصلاة للنساء وخمسة أساكيب  و أربعة أبواب رئيسية من ثلاثة جهات، وموازاة مع هذه  التوسعة  و الترميم تم تحويل المحراب من مكانه القديم ليتوسط جدار القبلة الحالي، الذي صار  حافلا بالعناصر الزخرفية والتي تتجلى في قوس متعدد الفصوص زُينت جوانبه بتشكيلات هندسية على الجبس المنقوش، وتعلوه شماسيات مفرغة بالجبس،  تساعد على إدخال الضوء إلى قاعة الصلاة، واستخدمت قطع الزليج البلدي في تزيين القسم الأسفل من المحراب.
المسجد الأعظم ـ الأكبر بأصيلة تُحفة معمارية أخرى تؤثث لفضاء  أصيلة المعماري و الهندسي، و يبقى  أيضا معلمة دينية  مرجعية يمكن التباهي بها. 
بعض المعلومات و الصور و التصاميم مأخوذة عن مونوغرافيات انجزتها الجماعة و مخطط التهيئة { 2007 و 2019 }

عبدالقادر نخلي 

zaïla.Histoire 

 أصيلا : المسجد الاعظم