نخلي عبدالقادر
MENU
ZAILA.COM
Asilah.fr
CULTURE LOCALE
قْواسْ ـ ابْريشْ مهْد أصيلة
ترقُصُ الساكنة أوْ تَتراقَصُ في مشهد يومي ذهابا و إيابَا بين طنجة و أصيلة دون الْتِفاتة أو تحية لِأقواس ـ بريش، هذه الجماعة التُّرابية الجارة القروية، لرُبَّما في غابِر الأزْمانِ كانت مهدَ عُمرانٍ و حياةَ حضرٍ بينما أصيلة هي الريف ـ البادية. فإذا كان و لا بد من أن نربط أصيلة بماضيها و بمحيطها التاريخي فإن أقواس ـ بريش التي تبعد عن وسط أصيلة ب 7 كلومترات لَأجْدر في أن تفُكَّ طلاسِمَ مدينتنا و لاَ أن نمشي راجفين من وراء زيليس أو زيليلْ التي تبعد ب 13 كلم إلى الشرق. نتوخى في غضون هاته الأسْطر أن نُقْرئ السلام على جماعة أقواس ـ ابريش تذكيرا بِ و تكريما لِ حُظْوتَها التاريخية.
سنة 1964 ، توصل الأركيولوجي مشايلْ بونسيشْ إلى عدة مواقع أثرية عند مصب واد اغريفة. نشر أبحاثه في السنة الموالية و ما بعدها في الأطلس الأركيولوجي لمنطقة طنجة. و مما توصل إليه هذا الباحث الفرنسي [ 1927 ـ 2010 ] وُجود قناة لحمل المياه و بقايا لمعامل التمليح. كما تم العثور على بناية تراثية ذات قاعدة مربعة مساحتها 48م² على بعد 1000م إلى الداخل، و تم العثور أيضا على مجموعة من الأفران لصناعة الفخار و الحديد.
المهم، توالت الأبحاث و توسعت لأزيد من 50 سنة لاحقا و صارت أكثر دقة و علمية، إلى أن تم تجميع أكثر من 4700 قطعة أثرية، مُخزنة اليوم بمتحف القصبة بطنجة. اشتغل عليها محمد الكبير العلوي لنيل شهادة الدكتوراه سنة 2004. بل حاول هذا الأكاديمي المغربي إعطاء حقًا و دلالة موريتانية في أبحاثه مُصحِّحًا بذلك مجموعة من مفاهيم المدرسة الإستعمارية التي تعمل جاهدة لربط شمال إفريقبا بالجدَّةِ abuela رُوما ومن تم التقليل من اسهامات المُورْ ـ Moros في بناء حضارة جنوب البحر المتوسط.
مابين 2009 و 2012 كان هناك مخطط رباعي لتعميق البحث و توسيع دائرة التنقيب من جهة، و لتفكيك ألْغاز ما تم اكتشافه سابقا في إطار شراكة مغربية فرنسية من جهة، و مغربية اسبانية من جهة ثانية [ وزارة الشؤون الخارجية الفرنسية MAEEو المدرسة الفرنسية لروما EFR و المؤسسة الوطنية لعلوم الآثار و التراث بالمغرب INSAR و جامعات اسبانية مثل كادس و UAM و UAB. هكذا تعمق التوثيق العلمي بعين المكان ساهمت فيه العديد من التخصصات بُغْية إعطاء الأهمية و المكانة التي تستحقها المنطقة بين شبكة المدن القديمة و أيضا من أجل إعداد مِلف مُتكامل لإدراجها ضمن لائحة المآثر التراثية الوطنية ... جميل ..
هكذا صار معلوما بين الباحثين ـ دوننا ـ أن دِلْتا واد غريفة و ما حولها كانت مأهولة في سالف الذكر و عمَّتْ بها حياة اقتصادية و اجتماعية ما بين القرن 6 قبل الميلاد و القرن 3م. فصارت أهم مُنشأة رائجة بين مدينتين رئيسيتين هما طنجس و ليكسوس. و قد أتبتث هاته الأبحاث ـ مما لا يترك مجالا للشك ـ عن وجود نسيج حضري مبكر ، بطرقه و ممراته و هياكله و أن المساحة التي يشغلها تفوق 5 هكتارات.
تمحور نشاط لقواسْ هذا حول مصانع لتمليح السمك و انتاج نقيع الغاروم و استخراج الملح و صناعة الفخار العادي و الملون مع وجود أفران و ورشات لصناعة الخزف. و الجدير بالذكر أن لامفوراتْ / جرات لقواس و التي صارت منتشرة في ربوع البحر المتوسط أصبحت معروفة أو بمثابة ماركة مسجلة إن صح التعبير. فكانت لقواس طيلة العهد البونيقي و القرطاجي و الروماني [ 800 سنة ] مركزا صناعيا و تجاريا أهله بذلك إلى المشاركة في أنشطة إقليمية دبَّتْ بين مختلف مدن شبه الجزيرة الطنجية و مدن إيبيرية. حيوية إقليمية اعتمدت أساسًا و فضلاً على استغلال المنتجات السمكية، و استخراج الملح و استخدام مادة الطين المحلية. و من بين الاستنتاجات التي خلصت إليها الأبحاث تلك الوجوه الثقافية المشتركة التي ميزت المستوطنات الواقعة على جانبي مضيق جبل طارق، و قد إتضح ذلك بشكل أساسي من خلال تشابه المزهريات الخزفية والأمفورات المكتشفة في المواقع التي تحف شمال المغرب وجنوب الأندلس.
[ و للإشارة فإن كلمة طين تقابلها بالإسبانية كلمة أرْسيلا ARCILLA عِلما أن الإسبان يسمون أزيلا ب أرسيلا فهل من علاقة؟ ]
على الرُّغم من كل الإمكانات الأثرية لموقع لقواس / دوار أولاد خلوف لم يتم إدراجه حتى الآن ضمن المواقع الأثرية الوطنية و أنهُ ذا أهمية تاريخية قصوى، المنطقة في خطر داهم و عملية التدمير نشطة تحت دريعة التنمية السياحية والتوسع الحضري المتزايد للساحل شمال أصيلة.
كان هذا حول لقواسْ فماذا عن بْريشْ؟
بعض الصور و بتصرف مأخوذة عن البعثة الاركيولوجية المغربية الفرنسية ل 2010.
نخلي عبدالقادر
عبدالقادر النخلي
zaïla.Histoire