zaïla.Histoire
ZAILA.COM
Asilah.fr
MENU
CULTURE LOCALE
أسامة الزكاري
جديد دراسات تاريخ المغرب القديم:
دليل المدن والمواقع الأثرية القديمة
بشبه الجزيرة الطنجية
تفاصيل جديدة حول المواقع الأثرية الواقعة في محيط مركز زليل، وعلى رأسها موقع تاهدارت، وموقع القواس، وموقع عين مصباح، وموقع رأس القوار، وموقع كدية فرتاش، وموقع ركيبة القلال، وموقع سيدي بولنوار.
لازالت خبايا تاريخ منطقة شمال المغرب خلال العهود القديمة السحيقة لمراحل ما قبل الميلاد، تثير شهية الباحثين المتخصصين في التاريخ القديم. ولازالت أسرار هذه العهود مصدر الكثير من عناصر الإثارة العلمية الهادفة إلى إعادة تجميع الوقائع، وإلى مسح المواقع الأثرية، وإلى إنجاز التصنيفات الضرورية لمختلف أنواع اللقى التي تحفل بها هذه المواقع. ويمكن القول، إن منطقة شمال المغرب تشكل مجالا خصبا للاشتغال وللبحث وللتنقيب، بالنظر لأهمية مراكزها الحضرية الكبرى ولأدوارها المتميزة في رسم معالم تاريخ العالم القديم بالبحيرة المتوسطية، مثل ما هو الحال مع مواقع تمودا وطنجيس وزليل وليكسوس وأبيدوم نوفوم. لذلك، فقد أضحى البحث الجامعي الوطني المعاصر ينحو إلى تجديد منطلقات عمله في مجال إعادة طرح الأسئلة المهيكلة للبحث في تاريخ المغرب خلال العهود القديمة، استنادا إلى عدة إجرائية مؤسسة، يقوم مرتكزها على تجميع النصوص القديمة وخاصة منها الإغريقية واللاتينية، وتلقيح ذلك بالبحث الأركيولوجي الميداني، ثم استثمار نتائج آخر الاجتهادات العلمية المنجزة داخل المغرب وخارجه، سواء على مستوى الأدوات التنقيبية في البحث وفي التدقيق، أم على مستوى تطوير الحس النقدي التفكيكي في التعامل مع النصوص القديمة، أم على مستوى توسيع دوائر الأسئلة الموجهة للعمل الميداني، وهي الأسئلة التي تجعل من تاريخ المغرب القديم سؤالا متجددا بامتياز، له راهنيته الأكيدة، وله مصداقيته العلمية، وله آفاقه الرحبة في توسيع دوائر المعرفة التاريخية العلمية والمتجددة. لم تكتف الأعمال الوطنية الراهنة باجترار أسئلة الإسطوغرافيات الكولونيالية، ولم تحصر نفسها ضمن "قيود" الرد على تهافت هذه الإسطوغرافيات وعلى منطلقاتها الوظيفية، ولكنها انتقلت -في المقابل- إلى التأسيس لمعالم توجه علمي بديل يعيد مقاربة قضايا التاريخ القديم وفق رؤى لا ولاء لها إلا للبحث التاريخي والأركيولوجي العلمي ولمنطلقاته الأكاديمية الرصينة في البحث وفي التنقيب وفي التجميع وفي الاستثمار.
في إطار هذا التوجه العام، يندرج صدور كتاب "دليل المدن والمواقع الأثرية القديمة بشبه الجزيرة الطنجية"، لمؤلفه الدكتور عبد المحسن شداد، سنة 2018، .وذلك في ما مجموعه 178 من الصفحات ذات الحجم العريض. والكتاب الصادر ضمن منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بتطوان، تعزيز لمسار عام في البحث وفي التنقيب داخل خبايا تاريخ الشمال خلال العصر القديم، باعتبارها مراكزا للإشعاع الحضاري الذي أرخى بظلاله الوارفة على مجموع أصقاع العالم القديم. فالعمل يقدم مقاربات تجديدية اشتغلت على تشريح رصيد المنجز العلمي والأركيولوجي داخل المغرب وخارجه، بشكل سمح بتقديم رؤى تجديدية ميزت المسار الأكاديمي لعبد المحسن شداد، من موقعه كباحث مهووس ب"القديم"، وبراهنية هذا "القديم". ولعل هذا ما اختزلته الكلمة التقديمية، عندما قالت: "نصبو أساسا من خلال هذا الكتاب تسهيل عملية البحث أمام الدارسين والمتخصصين، وذلك عبر القيام بعملية جرد شاملة للمعطيات المتوفرة إلى حدود وقتنا الراهن حول عشرات المواقع الأثرية القديمة المنتشرة بشبه الجزيرة الطنجية اعتمادا على قراءتنا لمجموعة كبيرة من المؤلفات والمقالات المكتوبة أساسا باللغتين الفرنسية والإسبانية. بطبيعة الحال، لن نقتصر فقط على تلك التي لاتزال آثارها بادية للعيان، سنشير أيضا إلى التي تعرضت للتدمير والتلف، كما أننا لن نكتفي بذكر المواقع الأثرية المهمة، بل سنحاول قدر المستطاع أن يحيط الكتاب بأكبر عدد منها. سنعمل على ترتيب كل المعلومات وفق منهج محكم نأمل من خلاله تقديم صورة واضحة لكل موقع أثري عبر تقديم وصف جغرافي، وجرد لنصوص الكتاب القدامى، ثم تاريخ الحفريات التي أجريت به وملخص للتعريف بأهم معالمه. سنقوم بوضع لائحة شاملة للمراجع المتعلقة بكل موقع أثري مع مجموعة من الصور والتصاميم والخرائط..." (ص ص. 9-10).
وعلى هذا الأساس، استطاع الكتاب تقديم دليل تصنيفي للمواقع الأثرية لشبه الجزيرة الطنجية، مركزا على تقديم "بطائق علمية" تشكل عملا غير مسبوق في مجاله، خاصة وأن المؤلف قد نحا –باستمرار- نحو استثمار عطاء النصوص القديمة اللاتينية والإغريقية والعربية الإسلامية، إلى جانب الأعمال القطاعية الحديثة المعززة بنتائج البعثات العلمية الأركيولوجية السابقة، وكذا بنتائج تنقيبات المؤلف الميدانية المباشرة. وبهذه الصفات، أمكن تقديم متن شيق لا شك وأنه يشكل إضافة نوعية أصبحت مركز توجيه للأعمال المستقبلية التي يمكن أن تنجز فوق الميدان، أو التي تستهدف سبر أغوار الماضي السحيق لمراكز المواقع الأثرية المتناثرة حاليا على ضفاف القسم الغربي من منطقة الشمال المسمى بشبه الجزيرة الطنجية.
وللاقتراب من سقف التدوين الذي اعتمده الأستاذ شداد في هذا العمل، يمكن الاسترشاد ببعض مما كتبه بخصوص موقع زليل الموجود –حاليا- بمحيط مدينة أصيلا، وكذا بمجموع المواقع الأثرية الأخرى الموجودة في محيط زليل. ففي ذلك اختزال لمجمل الخصائص العامة التي أضافها الكتاب لمعارفنا الجغرافية ذات الصلة بالتاريخ القديم للشمال، وكذا دليل على القوة الإجرائية والعلمية التي اكتنفت عمليات البحث والتنقيب والتصنيف. يقول المؤلف: "زليل (الدشر الجديد)، يوجد موقع زليل الأثري... على بعد حوالي 38 كلم جنوب شرق مدينة طنجة وحوالي 15 كلم شمال شرق مدينة أصيلا، بمحيط القرية المسماة "دشر الجديد" القريبة من السوق الأسبوعي "حد الغربية"... اعتقد الرحالة والباحثون الأوربيون منذ مطلع القرن التاسع عشر وإلى حدود الثمانينيات من القرن الماضي أن هذه الآثار تطابق المحطة الطرقية التي ذكرها نهج الأنطونيني باسم "أد مركوري"، لاعتقادهم أن زليل الأثرية توافق مدينة أصيلا الحالية معتمدين في ذلك على تقارب اللفظين. وقد شكك في صحة هذه الفرضية لأول مرة الباحث الإنجليزي سبول سنة 1958، ثم الفرنسي موريس أوزينا خلال الستينيات من القرن الماضي قبل أن يتم العثور على نقيشة تحمل الاسم الكامل لمستوطنة Colonia Lulia Constantia Zilil. ويعتبر القنصل الإنجليزي دريموند هاي أول من قام بوصف أطلال هذه المدينة وذلك سنة 1842 قبل أن يحذو حذوه الديبلوماسي الفرنسي هنري دي لامارتينيير نهاية القرن التاسع عشر قبل أن ينجز بها الإسبانيين سيزار لويس ومونطالبان بعض الأشغال سنة 1936 ثم ميكل طراديل سنة 1950. وبعد حوالي سبعة وعشرين سنة، شهد الموقع الأثري تنظيم ورشات عمل أنجزها فريق بحث مغربي فرنسي امتدت إلى سنة 1993 وأسفرت عن نتائج مهمة. فيما يخص الاستقرار البشري بزليل، فاعتمادا على بعض الأدوات الحجرية التي عثر عليها على سطح الأرض، يمكن تأكيد حضور بشري منذ عصور ما قبل التاريخ. هذا في حين تعود أقدم مخلفات العصور التاريخية، المتمثلة في قطع من الخزف الأتيكي وأخرى من الجرات القرطاجية الأصل إلى القرن الخامس قبل الميلاد. أما أقدم البنيات السكنية التي تم الكشف عنها بالقطاع الجنوبي الأسفل فيؤرخ لها فقط بالقرن الثاني قبل الميلاد. ويعتقد أن هذه المدينة الأولى التي سكت خلال الفترة المورية نقودا تحمل اسمها بالحروف البونية ونقشت عليها رسوم سنابل القمح وعناقيد العنب... وقد تعرضت هذه المدينة إلى التدمير ما بين منتصف القرن الثالث ومنتصف القرن الرابع قبل أن يعاد بناؤها من جديد بقرار رسمي ما بين سنتي 355 و360. غير أن عمليات حرق وتخريب لحقت بها بداية القرن الخامس (410-430)، وذلك ربما أثناء عبور جماعات الوندال مضيق جبل طارق وتوجههم نحو قرطاج. لابد من الإشارة إلى أنه مؤخرا، شهدت زليل انطلاقة مشروع ممول عبر اتفاقية مغربية إيطالية، يرمي إلى إعادة الاعتبار لهذه المدينة الأثرية ويتضمن محاور متعددة. وبالفعل فقد أنجزت أولى الأبحاث العلمية (مسح جيوفزيائي وصور جوية) من قبل باحثين من جامعة سيينا الإيطالية ونظرائهم من المعهد الوطني لعلوم الآثار والتراث خلال الفترة ما بين 8 و30 شتنبر 2017..." (ص ص. 95-96).
وعلى هذا المنوال، اهتم المؤلف بتقديم تفاصيل دقيقة حول المواقع الأثرية الواقعة في محيط مركز زليل، وعلى رأسها موقع تاهدارت، وموقع القواس، وموقع عين مصباح، وموقع رأس القوار، وموقع كدية فرتاش، وموقع ركيبة القلال، وموقع سيدي بولنوار.
وفي كل هذه المواقع، استطاع المؤلف إعادة ترتيب الخريطة القديمة لمحيط مدينة أصيلا، كاشفا النقاب عن خبايا التعمير الأول للمنطقة، وعن مسارات الاستقرار السكاني وبداية معالم التراكم الحضاري الذي عرفته المنطقة على امتداد الفترات الطويلة القديمة السابقة عن الفتح الإسلامي للمنطقة.
اسامة الزكاري واحد من ابناء مدينة اصيلة, بها نشأ وترعرع وشب, وهو يعتبر من انشط وأشهر الباحثين المغاربين في التاريخ المعاصر, نشر مئات المقالات العلمية في العديد من الصحف المغربية والعربية , قال عنه الدكتور عبداللطيف شهبون : هو في حد ذاته مؤسسة ثقافية وباحث عميق النظرة, ابعاده الثقافية متشعبة, فضلا عن ذاك فهو رجل خلوق
اسماء التمالح
aswattv