zaila.com - Tous droits réservés | Mentions légales | Politique de confidentialité | Contact

ZAILA.COM
Asilah.fr

MENU

CULTURE LOCALE

الشويخ عبدالسلام 

كنيسة اصيلة 
 

عبدالرحيم احمد الجباري 

مؤرخ اصيلة 

عبدالرحيم احمد الجباري 

 zaïla.Histoire 

السيد محمد الحساني

كنيسة اصيلة  

عبدالرحيم احمد الجباري 

 مؤرخ اصيلة 

هذه أول كنيسة عصرية بنتها سلطات الحماية الإسبانية في مدينة أصيلا سنة 1927م وكانت قد شرعت في بنائها في مستهل سنة 1922م فكيف تم ذلك .؟
   كنت قد أشرت في كتابي : " أصيلا ؛ تاريخ وأعلام " الجزئ الثاني ص :
في معرض حديثي عن الحياة الدينية بالمدينة . فقلت :  " إن الإسبانيين كانوا في بداية الحماية يؤدون مناسكهم الدينية الكاثوليكية في كنيسة صغيرة بالمستشفى العسكري الذي كان يقع خلف الملعب البلدي لكرة القدم ، ثم بعد ذلك صاروا يقيمون صلواتهم في كنيسة صغيرة تابععة للبعثة الفرنسيسكانية .(1)
      ولما ازداد عدد السكان الإسبانيين مدنيين وعسكريين في المدينة  -- وصل عددهم حسب إحصاء 1927م إلى 3.529 إسباني  وإسبانية --  دعت الضرورة إلى التفكير في إيجاد كنيسة جديدة قادرة على استيعاب العدد الكبير للسكان الإسبانيين بالمدينة !. وتكون بديلة  للكنيستي السابقتي الذكر.!
   في خضم هذه الظروف الملحة ، طلب كبير رهبان الإسبان في مدينة طنجة الدولية آنذاك من الحكومة الخليفية بتطوان ، أن تتبرع من الأراضي المخزنية بأصيلا ،بأرض تتحدد مساحتها في ألفين متر مربع (2000م2) لتشيد فيها كنيسة كاثوليكية مع مرافقها السكنية والإدارية وحديقة تحف جانبي الكنيسة ...
     وعلى ما يبدو فقد بادرت الحكومة الخليفية إلى تلبية طلب الحبر الأكبر في طنجة ، بكل أريحية وكرم ورغبة في تقديم المساعدة  وإبداء فضيلة التسامح الديني الذي كان سائدا في كل مدن المغرب قبل الحماية وإبانها ! فبادرت بالتبرع بألفين من الأمتار المربعة، وقد روعي أن تكون تلك الأرض في أحسن موقع بالمدينة ، وهذا ما يلاحظه سكان أصيلا عندما يمرون على الكنيسة في غدواتهم وروحاتهم ، ولكن دون أن يكلفوا أنفسهم عناء السؤال كيف ومتى بنيت هذه المعلمة المسيحية المتميزة في مدينتهم ؟.
   ولنكون أدق منهجية وتوثيقية -- كما يطلب هذا العلم -- أحيلكم على ظهير خليفي متعلق بالأرض التي منحتها الحكومة الخليفية لسلطات الحماية الإسبانية من أجل بناء هذه الكنيسة . هذا نص الظهير الخليفي : " يعلم من كتابا هذا أسماه الله وأعز أمره ، وخلد في المعالي ذكره، أننا بحول الله وقوته وسامي يمنه ومنته ، لما رفع لسيدنا العالي بالله ، اضطرار النصارى النازلين بأصيلا لتكاثرهم
لإقامة بناء معبد ودار لسكنى الرهبان القائمين بأمور دينهم، وأن الأسقف القاطن بطنجة  ، التمس تسليم طرف من الأرض بالمحل المعروف بتوسيع نطاق أصيلا  من أرض المخزن ، تكون مساحتها ألفي ميطرو مربعة ، اقتضى نظرنا السديد مقابلة ذلك الاقتراح بغاية من المساعدة والاسعاف، وعليه فقد أمرنا بتنفيذ الطرف المطلوب من الرسالة الفرنسيسكانية الكاطوليكية الإسبانية بالمغرب، في أرفع محل من توسيع نطلق تلك البلدة ، مجانا من غير عوض ، على أن تكون مساحتها ألفي مطرو مربعة ، وأن تقوم بانتخاب ذلك لجنة من أمين المستفاد والقنصل المراقب ونائب عن الأسقف المذكور ، فالواقف عليه من ولاة الأمور وأرباب الصدر، نأمره أن يعلمه ونأمر به، ولا يحيد عن كريم مذهبه ،  والسلام.
     صدر به أمرنا الشريف في 15 شعبان الأبرك عام 1335ه موافق 6 يونيو 1917م (2).
وقد صدر ظهير آخر مثل هذا ، عن الأرض المتبرع بها لكنيسة العرائش في 8 ذي القعدة 1335ه موافق موافق 27 غشت 1917م.
     وهكذا فما بين صدور الظهير الخليفي المتبرع بالبقعة الأرضية المشار إليها ، والشروع في بناء الكنيسة في أصيلا  سنة 1922م بجوار السوق المركزي العصري في المدينة ، في أحسن موقع بالحي الإداري ، ونهاية بنائها لتصبح جاهزة لإقامة طقوس العبادة المسيحية الكاثوليكية سنة 1927م استغرق كل ذلك مدة عشر سنوات ، وكان الإسباني المسمى  franciscoserra  fr.n.del.e هو المهندس الذي أشرف على بناء الكنيسة في أصيلا.
  وهذه الكنيسة هي الأولى التي تبنى في المنطقة الخليفية فقد سبقت كنيستي العرائش والقصر الكبير ..أما كنيسة تطوان ذات القبة الكبيرة فقد كانت موجودة قبل الحماية الإسبانية بالمنطفة ،وكذلك الكنائس التي كانت توجد في مدينة طنجة في الفترة الدولية .
    وكنا ونحن صغار مع أصدقائي ، رحمهم الله ، يعجبنا منظر خروج النصارى من هذه الكنيسة بعد نهاية قداسهم يوم الأحد فكان يروقنا نظامهم وهندامهم العصري ، وخاصة فتياتهم الجميلات الأنيقات فقد كنا نسترق النظر إليهن فنتلذذ منهن بالنظر، فكان منهن الحسن والجمال ومنا متعة النظر !.
   وفي بداية الستينيات لفت انتباهنا ونحن نتابع تعليمنا في ثانوية الإمام الأصيلي ظاهرة ولوج أستاذنا لمادة الرياضيات باللغة العربية الأديب المصري جميل عطية إبراهيم الذي أوحت إليه أجواء أصيلا الجميلة تأليف رواية رائعة عن مدينة أصيلا سماها " أصيلا " صدرت الطبعة الأولى سنة 1965م والطبعة الثانية في بيروت سنة 1983م --  وزميله الأستاذ علوان اللبناني  إلى الكنيسة أيام الأحد، فكنا نسأله داخل القسم أسئلة شبابية بريئة ، هل أنت يا أستاذنا نصراني؟. فكان يجيبنا بأسلوبه التربوي الجميل وبلغته المصرية القبطية الأجمل، نعم . أنا مسيحي قبطي وعندنا في مصر ولبنان مسيحيون كثر !! حينئذ صرنا نعلم أن هناك كثير من العرب في دول الشرق الأوسط يعتنقون الديانة المسيحية ، وهذا ما لم نكن نعلمه من قبل !.
  وعلى ما أذكر أن الإسباني  دون خوان كان هو قس هذه الكنيسة وكان أبيض البشرة مربوع القامة ، أصلع الرأس هادئا مسالما يتبادل الحديث في هدوء ولباقة مع من يبادر بالحديث معه من  المغاربة الزيلاشيين أساتذة وتجار ... وقد رحل هذا الأسقف عن مدنة أصيلا في نهاية الستينيات .
      وفي العقدين الأخيرين من القرن 20 أصبح الإصباني الأصيلي " فيرمين "  (1932م -- 2010م )مع زوجته " ماري كارمي "  هما القيمان على  هذه الكنيسة .
   ولما تقلص عدد السكان الإسبانيين في أصيلا من 3.529 نسمة في فترة الحماية إلى بضع عشرات ، حسب إحصاء 2004م.فلم يعد يقام  في هذه قداس أسبوعي كما كان في سنواتها المزدهرة . وهذه ظاهرة عمت جميع مدن جهة طنجة تطوان  ، فقد روي لي بأن مسيحيي هذه الجهة من الإسبان اتفقوا بأن يقيموا قداسهم المسيحي الأسبوعي بالتناوب على كنائس العرائش وأصيلا والقصر الكبير وشفشاون.... !!
      روى لي السيد الممرض الإنساني الطيب عبد العالي بن الفقيه عبد الله المكناسي العرائشي الأصيلي ، رحمه الله، طرفة جميلة وهي : " ذات يوم كان القائد السي أحمد بوقاع ، رحمه الله ، يقوم عماله بتجيير وتبيض جدران منزله وجدار البقعة الأرضية المقابلة لسكناه على يمين ويسار الداخل من باب القصبة .. أخبر الجيارة القائد أحمد بأنهم انتهوا من أشغالهم وقد بقيت وفرة كبيرة من الجير .. فقالوا له ماذا نفعل بها ؟ فقال لهم جيروا بها الجدران الخارجية للمسجد الكبير المجاور لسكناي ! وما أن شرعوا في تجيير حيطان المسجد حتى وقف عليه أعوان وزارة الأوقاف يصدونه عن ذلك! فقال لهم طيب ، إن لم تريدوا تجيير جدران المسجد ، فليذهب بالجير إلى الكنيسة فهي الآن أولى وأحق به من غيرها ..!!
   هذه الكنيسة معلمة عمرانية مسيحية جميلة فهي تشبه في هندستها وهيكلها الخارجي كثيرا من كنائس إشبيليا وقرطبة ... فيجب على جميع الزيلاشيين والمسؤولين على الشأن العام المحافظة عليها والتفكير في مستقبلها ...!!
                                                               -------1)(mezguitas, sinagogas y templos.
anuario-- guia. oficial de marruecos y del africa española -- año 1927. madrid.)
2)   محمد داود ، تاريخ تطوان  -- المجلد الحادي عشر  ص/ص : 310  - 311 مراجعة و إضافة ، حسناء محمد داود .
--- منشورات جمعية تطاون أسمير ، مطبعة الخليج العربي تطوان 1430ه / 2009م.
ذ. عبد الرحيم أحمد الجباري ، مؤرخ مدينة أصيلا.